الخميس، 12 سبتمبر 2019

رجال يضرب بهم المثل

                             رجال يضرب بهم المثل





 الكسعي : يضرب به المثل في شدة الندم. و له في ذلك قصة: خرج في ليلة شديدة الظلام لا قمر فيها و لا بدر يبتغي الصيد، و كان له قوس رفيعة غالية الثمن فكان أن عرض له شيء من الصيد فرماه بسهم، و ظن أنه لم يصبه، ثم عرض له مثل ذلك فرماه فظن أنه لم يصبه فغضب و كسر قوسه الغالية. فلما أصبح الصباح، تبين أنه قد أصاب الصيد، فندم ندما شديدا على كسره القوس و عض إصبعه فقطعها. فصار مضرب المثل في شدة الندم.
قال الفرزدق حين طلق زوجته نوار مجبرا و ندم على طلاقها:
ندمت ندامــة الكسعي لما مضت مطلقة مني نوار
و كانت جنتي فخرجت منها كآدم لما أخرجه الضرار
حاتم الطائي : شاعر مشهور جمع من الخلال أشرفها، و كان مضرب المثل في الجود و الكرم. و له في ذلك قصص كثيرة. فكم بات طاويا و أطعم الأضياف و كم بدل الأموال و افتقر.
مادر : يضرب مثلا في البخل. يقال إنه سقى إبله و بقي في الحوض فضل من الماء فكره أن يستفيد منه غيره، فخلط فيه الطين حتى صار وحلا كي لا تشرب منه إبل غيره.
قس بن ساعدة: يضرب مثلا في الفصاحة و الخطابة، كان يخطب مدة طويلة فلا يكل و لا يعيى و لا يسعل و لا يتنحنح.
باقـــل: يضرب مثلا في الفهاهة و العي و ثقل اللسان و العجز عن البيان، اشترى غزالا بأحد عشر درهما،وحمله بين ذراعيه .فسئل عن ثمنه فاشار باصابعه العشرة ولسانه يعني احد عشر درهما..
و انفلت الغزال من بين يديه فهرب.
و قد جمع المعري هؤلاء الأربعة ( حاتما - مادرا – قسا – باقلا ) في بيت شعري :
إذا عير حاتما بالبخل مادر و عير قسا بالفهاهة باقل
يعني أن الزمان قد ساء و تغيرت الأحوال فصار الوضيع يتطاول على الشريف و صار البخيل ( مادر) يرمي الكريم (حاتم) بالبخل، و صار العاجز عن البيان (باقل) يعير الفصيح (قسا) بالفهاهة و العي.
الأحنف : يضرب مثلا في الحلم و الروية و الأناة.
يذكر أن أبا تمام مدح المعتصم بقوله :
إقبال عمرو في سماحة حاتم و حلم أحنف في ذكاء إياس
يعني أن الممدوح قد جمع بين شجاعة عمرو بن كلثوم و جود و سماحة حاتم الطائي، و حلم الأحنف و ذكاء القاضي إياس.
فقال له بعض حساده أمام الأمير : ( ما زدت على أن شبهت الأمير بمن هم دونه). فقال أبو تمام :
لا تنكروا ضربي له من دونه مثلا شرودا في الشدة و الباس
فالله ضرب الأقــل لنـوره مثلا من المشكاة و النبراس
سنمار : يضرب مثلا في سوء الجزاء، و مقابلة الصنيع بالشر. يذكر أنه كان بناء ماهرا استدعاه الملك النعمان ليبني له قصرا. و استغرقت مدة البناء عشرين سنة. و حين انتهى منه جاء الناس من كل صوب ليروا التحفة التي صنعها سنمار، و كلهم يتوقع من النعمان أن يحسن جزاءه و يكرمه غاية الكرم. لكنه للأسف أخذه إلى سطح القصر، و ألقى به من هنالك على أم رأسه. و قد أشار الشاعر إلى قصته في قوله :
جزانــي جزاه الله شر جزائـه جزاء سنمار و ما كان ذا ذنب
بنى ذلك البنيان عشرين حجة فلما بدا كالطود الباذخ الصعب
ألقى بسنمار علـى أم رأسـه و في ذلك لعمر الله عظيم الخطب
قال الشاعر في رجل أحسن إلى أولاده صغارا فلما أسن و شاخ أساؤوا معاملته :
جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر و حسن صنيع كما يجازى سنمار
عمرو بن كلثوم : شاعر جاهلي ينتمي إلى قبيلة تغلب، يضرب به المثل في الفتك و البطش يقال : (أفتك من عمرو بن كلثوم) و ذلك أن زوجة الملك عمرو بن هند استدعت أم عمرو بن كلثوم و أرادت أن تهينها، فقالت لها: ناوليني الطبق. فأجابتها : "لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها" فلما ألحت عليها في الطلب : صاحت : " واذلاه، يالتغلب."
فسمعها ابنها عمرو بن كلثوم و كان في مجلس الملك فسل سيفه و قطع رأس هذا الأخير.
السموأل : شاعر عربي يهودي جاهلي، عاش زمن امرئ القيس، ضرب به المثل في الوفاء. و كان له حصن منيع، و يذكر أن امرأ القيس كان يريد استرجاع ملك أبيه الضائع و ترك أسلحته و دروعه أمانة لدى السموأل. و حين جاء أعداء امرئ القيس إلى السموأل يسألونه أسلحة صاحبه أبى أن يخونه، و أغلق أبواب حصنه، و كان له ولد صغير خارج الحصن وقع بين أيدي الأعداء، فخيروا السموأل بين أن يعطيهم الأسلحة أو أن يذبحوا ابنه. فلم يخن صاحبه و قد ذبح ابنه أمام عينيه.
عرقـــوب : يضرب مثلا في مخالفة الوعود قيل إنه يهودي من خيبر يعد و لا يفي. و قيل إن أخا له جاءه يسأله، فقال له : إذا أطلعت هذه النخلة فلك طلعها فلما أطلعت قال له دعها حتى تصير بلحا فلما أبلحت قال دعها حتى تصير رطبا، فلما أرطبت قال دعها حتى تصير تمرا فلما أتمرت جاء إليها عرقوب ليلا فجنى تمرها، و لم يعط أخاه منها شيئا.
قال الشاعر يصف حبيبته بمخالفة الوعود :
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا و ما مواعيدها إلا الأباطيل

0 التعليقات

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.